قصة وا إسلاماه - الفصل الرابع | الماس لتطوير الذات

الاستماع للمقالة:

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحبابي في الله، أبنائي طلاب وطالبات الصف الثاني الثانوي. يسعدني في هذه الصفحات من صفحات موقع الماس لتطوير الذات والتعلم الذاتي أن أقدم لكم قصة وا إسلاماه - الفصل الرابع . ضمن منهج اللغة العربية.

الجديد والجميل في هذا الموضوع بفضل الله هو عرض نص الفصل الرابع مكتوبا مع معاني الكلمات الصعبة بشكل شيق وجذاب. حيث يتم التوصل للمعنى أو المضاد أو المفرد أو الجمع للكلمة الملونة باللون الأحمر بالضغط عليها. وكذلك تحويل الفصل إلى سؤال وإجابة للتمكن من تحليل كل النقاط المهمة في الفصل الرابع من قصه وا اسلاماه .

نبدأ أولا بفيديو لملخص الفصل الرابع بالرسوم المتحركة (الكارتون) . اضغط هنا على هذا الرابط لبدء تشغيل فيديو الفصل الرابع من قصة وا اسلاماه . ضمن منهج تانية ثانوي ترم اول.

****

ذكريات أليمة:

عاش السلطان جلال الدين فى مملكته الصغيرة بالهند عيشة حزينة تسودها الذكريات الأليمة (لموجعة، المضاد المريحة)، ذكرياث ملكه الذاهب، وذكرياث أهله الهالكين، وكان يجد سلواه (عزاءه) الوحيدة فى ولديه الحبيبين: محمود وجهاد، فيقضى جل (معظم، أو أكثر) أوقاته معهما، ينزل إلى عالمهما الصغير ويصادقهما، ويشترك معهما فى ألعابهما، ويجاريهما فى أحاديثهما البريئة، وأحلامهما الصافية، فيجد فى ذلك لذة تنسيه هموم الحياة وآلامها.

استعداد جلال الدين للانتقام من التتار:

وكان مع ذلك لا ينسى تدبير ملكه، وتنظيم شئونه، وتقوية جيشه وتعزيز هيبته، فكان فى كفاح دائم مع أمراء الممالك الصغيرة التى تكتنف (تحيط بـ) مملكة لاهور يدفع غاراتهم على بلاده، يغزوهم الفينة (الحين، والوقت) بعد الفينة، وهو فى ذلك يتنسم (يستطلع) أخبار ممالكه السابقة، ويرقب حركات التتاربها، يتربص (ينتظر) بهم الدوائر (المصائب) وينتظر الفرص للانقضاض (الهجوم، المضاد الانسحاب) عليهم، والانتقام منهم، واسترداد ممالكه وممالك أبيه من أيديهم، أو أيدى أعوانهم وأجرائهم (عملائهم)، فقد كان التتار أمة لا تطمع فى ملك البلاد وحكمها، وحسبها أن تغزوها فتقتل من تقتل من رجالها ونسائها وأطفالها، وتسبى (تأسر النساء) منهم من تشاء، وتنهب خزائنها فلا تدغع شيئا إلا أتت عليه، ثم تغادرها إلى بلادها حاملة معها الغنائم والأسلاب.

فتنقبع (تختبئ) فيها ما تنقبع، ثم تعود كرة (رجعة) أخرى فيظغى سيلها على الأمم والممالك فتقتل وتنهب وتسلب، ثم تعود إلى منبعها، وهكذا دواليك، وربما عقدوا مع أهل البلاد التى غزوها اتفاقا يأمنون به من عودتهم، على أن يحملوا إليهم جزية (ضريبة) كبيرة فى مستهل كل عام. وحينئذ يولون عليها من يتوسمون (يتعرفون، ويعتقدون) فيهم الميل إليهم. والرضا بسياستهم من عبيد الأهواء (الرغبات، والميول) الطامعين في المناصب من أهل تلك البلاد.

كذلك كانت الحال فى العواصم والمدن التى تخلى عنها جلال الدين، فقد وليها جماعة من الظغاة المستبدين، لا هم لهم إلا جمع المال من كل سبيل، فيصادرون (يستولون على) أملاك الناس ويفرضون الضرائب الثقيلة عليهم. ويسلبون أموال التجار. ومن جزؤ على الشكوى منهم كان جزاؤه القتل أو الإهانة والتعذيب.

تشجيع أنصار جلال الدين له على العودة :

وكان لجلال الدين فيها أعوان وأنصار لا يحصون كثرة، يتمنون عودته، ويراسلونه سرا فيصفون له أحوال الناس بها، وما يعانون من ظلم الحكام وفسادهم وطغيانهم، ويحضونه (يحثونه) على العودة إليهم، ويعدونه بالنصر والتأييد وبأنهم سيثورون ثورة عارمة (شديدة) على أولئك الحكام إذا ما عاد جلال الدين إلى بلاده، وذكروا له أن جنكيزخان مشغول عنهم بحروب طويلة فى بلاده مع قبائل الترك.

فرأى جلال الدين أن الفرضة سانحة (مهيأة، ومتاحة)، وصحت (قويت، المضاد ضعفت، وخارت) عزيمته على اغتنامها (انتهازها)، فتجهز للمسير، وكتم خبره عن الناس جميعا ما عدا قائده الكبير الأمير بهلوان أزيك، إذ استنابه (جعله نائبا له، واستخلفه) على ما يملك بالهند، وترك له جيشا يكفى لحمايته، وسار هو بخمسة آلاف قسمهم إلى عشر فرق، جعل على كل منها أميرا، وأمرهم أن يسيروا خلفه على دفعات من طرق مختلفة، حتى لا يتسامع الناس بخبر مسيرهم.

حيرة جلال الدين:

وكان قبل مسيره قد فكر مليا (زمنا طويلا) في أمر ولديه الحبيبين وتردد طويلا، أيستصحبهما معه، أم يتركهما بالهند ؟ فإنه إن أخذهما معه عرضهما لأخطار الطريق ومتاعب هذه الرحلة الشاقة، وإذا نجا بهما من ذلك رمى بهما إلى ما هو مقدم عليه من الكفاح العظيم، والقتال المستميت، وماذا يكون مصيره، وسيفضى (سينتهى) به هذا لا محالة (لا بد) إلى مواجهة التتار وقتالهم من جديد، ومن ذا يضمن له الغلبة على تلك الأمة الهائلة التى لا نهاية لجموعها، ولا صاد (راد، ومانع) لهجماتها، ولا عاصم (مانع، وحافظ) من أمرها إلا من رحم الله ؟ وإنه إن تركهما بالهند فلا طاقة له بفراقهما، ولا طاقة لهما بفراقه، وليس له فى النيا أهل غيرهما، وما لهما فيها من أهل غيره. وقد وجدهما بعد ضياع، ولقيهما بعد يأس، فانتعش بهما أمله، وأشرق بهما وجه حياته، وكانا له عزاء عن كل ما فقد من ملكه وأهله، أفيتركهما وحيدين فى بلاد غريبة عليهما لا يدرى ماذا يكون مصيرهما فيها ؟ فربما يطمع أمراء الهند فى مملكة لاهور، ويستضعفون نائبه عليها حين يبلغهم سير السلطان بمعظم عسكره عنها، فيقومون عليها قومة واحدة، وتسقط في أيديهم، ويومئذ لا يكون لرجاله مهرب، ويقع الأميران في قبضتهم، ولا أمل فى نجاتهما من سيوفهم.

جلال الدين يفضل أخذ طفليه معه:

أخذ جلال الدين يوازن بين الخطتـين إلى أن آثر (فضل) أهون الخطرين عنده، ففضل أن يأخذ الأميرين معه: إذ كان هذا أحب الرأيين إلى نفسه، وأقربهما إلى هواه، فحسبه أن يراهما دائما معه، فإذا قدر له النجاح فذاك، وإن خاننه الحظوظ فلن يبقى بعد ذلك أمل فى الحياة ولن يؤويه (يضمه) بعد ذلك مكان، وخير لهما حينئذ أن يقتلا معه، فلا يتعرضا لما يتعرض له مثلهما من الشقاء والهوان.

إعداد جلال الدين الطفلين لتحمل المشاق:

وكأن جلال الدين كان ينظر من سجف (ستر) الغيب إلى هذا اليوم ويستعد له؛ إذ عنى بتدريبهما من صغرهما على ركوب الخيل وحمل السلاح وسائر (باقي) أعمال الفروسية، وتربيتهما تربية خشنة تعدهما لتحمل المشاق، وركوب الأخطار والتغلب على المتاعب.

وطالما سمعا منه أو من الشيخ سلامة الهندى أخبار جدهما خوارزم شاه ووقائعه مع التتار وحروب جلال الدين معهم من بعده، فكانا يطربان لذلك ويتحمسان، وكثيرا ما كان جلال الدين يصف لمحمود شجاعة والده الأمير ممدود وحسن بلائه (صنيعه) فى قتالهم، وغرامه بمبارزة قوادهم وأمرائهم، إلى أن يقص عليه أخبار واقعة هراة التى أصيب فيها، فمات من جرحه شهيدا فى سبيل الله بعد أن نكل (عاقب، المضاد كافأ) بالأعداء تنكيلا، ومزقهم شر ممزق، فيمتلئ محمود بالحماسة، ويود لو شهد تلك الوقائع فكانت له فى قتال التتارمواقف مشهوده.

رغبة محمود وجهاد فى الانتقام من التتار:

وكان محمود يشعر فى قرارة نفسه بأنه سيقاتل التتار يوما ما، إذا بلغ مبلغ الرجال فيثأر منهم لأبيه، وينتقم منهم لما أصاب جده وخاله ووالدته وجدته وسائر أهله، وقد سيطر عليه هذا الشعور، وملك عليه جميع مذاهبه (طرق تفكيره) فكان شغله الشاغل وهمه المقعد المقيم، ولا يفتأ (يستمر) يفكر فيه نهارا، ويحلم به ليلا. وإنه ليطغى عليه أحيانا فيقع منه في كرب (حزن، وهم، وضيق) عظيم، فلا يجد أداة يعبر بها عن حبيس رغبته وينفس (يكشف، ويفرج) بها عن كربه، إلا أن ينطلق في عالم الخيال، حيث يصور له الوهم معارك تدور بينه وبين التتار، ينتصر فيها عليهم ويشتت جموعهم ويجندل (يصرع) أبطالهم ويفرق صفوفهم وينهزمون فيجد فى طلبهم ويتعقب آثارهم حتى يشردهم إلى أقاصى البلاد، ويعود إلى المدينة ظافرا تقام له الزينات وتضرب له الطبول، وتنثر عليه الأزهار والرياحين.

وكانت جهاة تشاطره (تقاسمه، المراد تشاركه) هذا الشعور، وتشجعه على حروبه هذه ومعاركه، وترى فيها تحقيقا لأمانيها في بطلها العظيم، وتنفيسا لما يحتدم (يضطرم، ويشتعل، ويشتد) فى صدرها من كراهية التتار، وحب الانتقام منهم، فكان لا يلذ لها شىء ما يلذ لها الإصغاء إلى حديثه، حين يقص عليها ما دار بينه وبينهم من المعارك الهائلة، وما أظهر فيها من آيات البطولة والإقدام.

حتى جلال الدين نفسه كان يشجع محمودا فى أعماله الحربية، ويجاريه فى تصوراته ويصغى لأحاديث بطولته ويثنى عليه فيها، ويتلطف فى إسداء (إعطاء، وتقديم) النصائح إليه خلالها، وقد أمر رجاله وحجاب قصره وخدمه بأن يجازوه فى أحلامه، ويصدقوه فى مزاعمه (أوهامه، وظنونه).

فما إن سمع محمود وجهاد لعزم جلال الدين على المسير لقتال التتار واسترداد بلاده حتى أظهرا له من الفرح والاستبشار بذلك ما جعله يعجب من نفسه، كيف فكر في تركهما بالهند، وعدم اصطحابهما معه في رحيله، إذن لشق عليهما ذلك، وآذاهما أبلغ الأذى، وربما أعجزه أن يحملهما عليه إلا أن يرهقهما (يتعبهما، المضاد يريحهما) أو يحملهما ما لا طاقة لهما به.

خروج جلال الدين من الهند، واسترداده ممالكه:

سار جلال الدين من الهند ومعه خواص (المقربون) رجاله، فقطعوا المفازة (الصحراء) على خيولهم، وعبروا نهر السند في مراكب عظيمة قد أعدها جلال الدين لذلك من قبل، حملتهم وحملت خيولهم وعتادهم (أسلحتهم)، وتبعتهم فرق جيشه فرقة بعد فرقة حتى التقوا جميعا عند ممر خيبر، فساروا حثيثا حتى إذا اقتربوا من كابل بعث جلال الدين رسلا إلى أشياعه (أتباعه، وأنصاره) بها يخبرونهم بمجيئه، ففرحوا بذلك وأشاعوه فى المدينة، فوثب أهلها على حاكمهم وأشياعه فقتلوهم ودخل جلال الدين المدينة فملكها بدون قتال كبير.

وشاع هذا الخبر فى سائر المدن والعواصم، فاستعد دعاة التتار وأعوانهم، وأجمعوا على ملاقاته ومقاومته، وبعثوا إلى جنكيزخان يستنجدونه. فعاجلهم (بادرهم، وفاجأهم) جلال الدين قبل أن تأتيهم إمدادات التتار. فمضى يفتح المدينة بعد المدينة بغير عناء يذكر؛ لأن أهلها كانوا يثورون على حاكمهم حين يقف جلال الدين على أبوابها. ويساعدونه عليهم. فيلوذ(يلجأ، و يحتمي) هؤلاء الخونة بالفرار إلى جنكيزخان، حتى وصل جلال الدين إلى كرمان، ثم سار إلى الأهواز فاستولى عليها، ثم أذربيجان فملكها، ودانت (خضعت) له سائر بلاد إيران.

سعادة محمود وجهاد بالانتصارات:

وكان محمود وجهاد يسيران حيث سار جلال الدين لا يفارقانه فى تنقلاته كلها، وكان يقوم بخدمتهما فى ذلك الشيخ سلامة الهندي وسيرون السائس، ما كان أشد فرح محمود وهو يتنقل فى ركاب (موكب) خاله من مدينة إلى مدينة، فتفتح لهما أبوابها، وتدق لهما الطبول، وتصطف الجماهير لمشاهدتهما وتحيتهما، وتتعالى أصواتهم بالهتاف للسلطان وولي عهده، ولكنه مع ذلك كان يشتهى أن يرى وجوه التتار، وكثيرا ما سأل خاله: "أين أعداؤنا التتار؟ متى يخرجون إلينا فنقاتلهم ؟ " فيبتسم السلطان جلال الدين ويجييه: "لا تستعجل الشر يا بني، إنهم آتون إلينا قريبا، فناصرنا الله عليهم إن شاء اللة ".

جلال الدين يحيى ذكرى والده:

عادت المياة إلى مجاريها، وخطب الخطباء للسلطان جلال الدين بن خوارزم شاه ولولى عهده محمود بن ممدود على منابر البلاد جميعها، وكان أول ما اهتم به جلال الدين بعد أن استتبت له الأمور فيها أن يحيى ذكرى والده العظيم، فسار في موكب عظيم لزيارته فى الجزيرة التى دفن بها، فبكى عند قبره وترحم عليه، ثم أمر بنقل رفاته (حطام جسده، وفتاته)، فدفنه بقلعة أزدهن فى مشهد حافل حضره العلماء والكبراء والأعيان من جميع الأصقاع (النواحى)، وبنى عليه قبة عظيمة أنفق على بنائها وزخرفتها أموالا كبيرة، وجلب لها أمهر البنائين والصناع.

جلال الدين يلقى التتار فى سهل مرو:

وما إن أتم ذلك حتى بلغه أن جنكيزخان قد أرسل جيوشا عظيمة لقتاله بقيادة أحد أبنائه، فتجهز للقائهم، وسار بأربعين ألفا يتقدمهم جيشه الخاص الذى أتى به من الهند وسماه جيش الخلاص، وكان قد بقى منه زهاء (ما يقرب من، أو نحو، أو حوالى) ثلاثة آلاف، فلقي جموع التتار في سهل مرو، ودارت بين الفريقين معركة من أهول المعارك ثبت فيها جيش الخلاص حتى باد (هلك) معظمه، واضطربت صفوف المسلمين، ويئس جلال الدين من الانتصار، فصمم على أن يستشهد فى المعركة، فالتفت إلى محمود، وكان واقفا على جواده خلفه، وهو يتقد حماسة وغيره، قال له : "ها أنت ذا قد رأيت التتار يا محمود، وإنى سأقاتلهم بنفسى، فاثبث خلفى ولا تدع أحدا بأسرك"، فتهلل وجه محمود، وعد ذلك فخرا عظيما أن يثق خاله به.

وعجب السلطان من رباطة جأش (ثبات قلبه ونفسه) الغلام وتهلله (فرحه) للموت، وتقدم يحرض رجاله ويجمع صفوفهم.

ويقاتل بنفسه، والأمير الصغير وراءه على جواده والسيف فى يمينه، فلما رأى المسلمون ذلك دبت (سرت) فيهم الحمية (الأنفة)، فقاتلوا دون السلطان قتالا عنيفا.

دور جيش بخارى وسمرقند فى الانتصار على التتار:

وبينما هم كذلك يقاتلون مستميتين والسلطان فى مقدمتهم والتتار ظاهرون عليهم، إذا بصفوف التتار قد اضطربت، وإذا بأصوات تسمع من خلفهم: "الله أكبر! الله أكبر! نحن جنود الله! أيها المسلمون! قاتلوا المشركين!".

فعجب المسلمون من أمرهم، وظن بعضهم أن هؤلاء ملائكة بعثهم الله لتأييد المسلمين، فحملوا على التتار حملة صادقة، وهم يصيحون: "الله أكبر" وما هى إلا لحظة حتى انهزم التتار، ولكنهم لم يجدوا مهربا إذ تلقاهم المسلمون من أهل بخارى وسمرقند وكانوا قد خرجوا من بلادهم عقب مسير التتار، فكبسوهم (هجموا عليهم) من خلفهم على غرة (غفلة) منهم، فأعمل الفريقان من المسلمين سيوفهم حتى أبادوهم عن بكرة أبيهم (جميعهم)، وتصافح الفريقان من المسلمين احتفالا بالنصر.

وفرح السلطان جلال الدين بجيش بخارى وسمرقند وأثنى عليهم، وكان مما قاله لهم: "إنكم جنود الله حقا، وما أنتم إلا ملائكة بعثهم الله من السماء لتأييد المسلمين، وإننا مدينون لكم بحياتنا وانتصارنا"، وأكرمهم وخلع عليهم، وعرض عليهم الانضمام إلى جيشه فقبلوا شاكرين.

افتقاد جلال الدين طفليه:

وكان جلال الدين يعلم حق العلم أن جنكيزخان آت بجموعه يوما ما للانتقام منه، وأن انتقامه سيكون عظيما مهولا (مفزغا)، وأن عليه ألا يطمئن إلى الانتصار الذى أحرزه (حققه، وظفر به) فى سهل مرو، وأن يستعد لذلك اليوم العبوس (الشديد، والمظلم) إلى أن جاءته كتب من بلاده تنبئه بسير جنكيزخان، فطار إليها على عجل فافتقد فى طريقه هذا ثمرتي قلبه ! وأنسي حياته: محمودا وجهاد حين كان يجتاز بلاد الأكراد قافلا (راجعا، المضاد ذاهبا) إلى بلاده، فطلبهما في كل مكان، والتمسهما بكل سبيل، فكأنما ابتلعتهما الأرض، وغاب معهما الموكلان (المكلفان) بخدمتهما وحراستهما الشيخ سلامة الهندي، وسيرون السائس.

وأقام السلطان وعسكره فى الموضع الذى افتقد هؤلاء فيه، حيث بث (نشر) رجاله فى طلبهم، والتفتيش عنهم في جميع تلك النواحى، فلم يعثروا لهم على أثر، إلا أنهم في اليوم الثاني وجدوا جثة السائس ملقاة فى منحدر ضيق بين جبلين، فتحقق جلال الدين أن الأميرين اختطفا مع خادميهما، وأن المختطفين قتلوا سيرون لأنهم ضاقوا بمقاومته، وأمر رجاله بالبحث عنهم فيما حول الجبلين، وذهب معهم بنفسه، فلم يجدوا لهم أثرا، ولم يسمعوا عنهم خبرا، فكاد جلال الدين يموت من الغم، وامتنع عن الطعام، وعزم ألا يبرح ذلك المكان حتى يقف على خبرهم.

جلال الدين ينشغل بأمر الطفلين عن مواجهة التتار:

وكانت الرسائل تتوالى عليه من نواب بلاده، يخبرونه بأن جنكيزخان قد قطع بجموعه النهر، وانقضوا على بخارى فدمروها وانتقموا من أهلها شر انتقاج من جراء ذلك الفريق البخارى الباسل (الشجاع، المضاد الجبان)الذى هاجم مؤخرة التتار فى معركة مرو فكان سبب هزيمتهم والقضاء عليهم، وأنهم دالفون (متقدمون، ومتجهون) إلى سمرقند ففاعلون بها ما فعلوا ببخارى.

ولكن جلال الدين كان فى شغل شاغل عنهم من أمر محمود وجهاد، فكان يعرض أحيانا عن الرد، وأحيانا يعد بقرب المسير.

تسلل معظم رجال جلال الدين من حوله:

مرت الأيام على جلال الدين، وما يزيد حاله إلا سوءا حتى يئس رجاله من رجوعه إلى صوابه. وكانت الأنباء تأتيهم بتقدم جنكيزخان، واستيلائه على المدينة بعد المدينة، يقتل فيها، وينهب ويدمر حتى بلغ تبريز، فعز عليهم أن يبقوا واقفين أمام سلطانهم المرزوء (المصاب) في عقله، الميئوس من حاله، حتى يطحنهم التتار وهم ينظرون.

فتسللوا من حوله، ولحقوا بإخوانهم المجاهدين، البخاريين، والسمرقنديين، وأمروا عليهم أحدهم فلقوا طلائع التتار بين تبريز وديار بكر، وقاتلوهم قتالا شديدا حتى هزموهم. وقوى أملهم فى النصر بعد ذلك؛ إذ علموا أن جنكيزخان قد قفل راجعا إلى بلاده لعلة شديدة أصابته، خشى منها أن تودى (تقضى، وتهلك) بحياته فيموت فى غير مسقط رأسه، وكان قد بلغه ما صار إليه خصمه الكبير من سوء الحال، فرأى أن القضاء عليه أيسر من أن يقتضى بقاءه فى قيادة الجيش واحتمال العلة في ديار الغربة، ولكنه أصدر قبل رحيله أوامر صارمة إلى رجاله ألا يقتلوا جلال الدين إذا ظفروا به (وجدوه)، وأن يجتهدوا فى القبض عليه وحمله حيا إليه، ليرى رأيه فيه وينتقم منه بنفسه.

التتار يهزمون رجال جلال الدين:

وما لبث التتار أن أقبلوا أفواجا يتدفقون تدفق السيل فغص (امتلا) بهم الفضاء، وأيقن المسلمون ألا قبل لهم بملاقاتهم، ولكنهم تعاهدوا على الموت فى سبيل الله، فوقفوا فى وجه العدو كأنهم البنيان المرصوص، فلم يستطع أن يتقدم شبرا إلا على أشلاء (أجزاء مقطعة) الأبطال المجاهدين.

سال طوفان التتار بعد انكسار هذا السد المنيع، فطم (كثر، وعم) تلك البلاد والقرى، ولم يبق بينهم وبين الموضع الذى أقام فيه جلال الدين إلا بضعة فراسخ، ما لبثوا أن قطعوها فوت الريح (فى سرعة الريح)، وكانوا قد علموا أين يقيم، وليس كالتتار سرعة وحركة، ومهارة في التجسس واستطلاع أحوال العدو، فلهم في ذلك أمور تشبه الخوارق (الأمور الغريبة، أو المعجزات).

بعض رجال جلال الدين يبقون معه لحمايته:

وكان قد بقى مع جلال الدين عدد قليل من رجاله، عز عليهم أن يتخلوا عن سلطانهم العظيم وهو فى حاله تلك، وآثروا (فضلوا) أن يحتملوه على علاته، ويكونوا معه إلى النهاية، وقد أزعجهم تقدم التتار، فتأهبوا لحماية مولاهم والذب عنه (الدفاع عنه)، ريثما يعدون العدة للفرار به إلى حيث يجدون مأمنا.

بيد (غير) أن التتار قد صاروا إذ ذاك أقرب إلى جلال الدين ورجاله مما ظنوا، فما شعر هؤلاء إلا بالطلائع قد كادت تحيط به، فقاموا إلى السلطان وأركبوه الفرس ونجوا به منهم.

محاولة جلال الدين الهروب من التتار:

وأفاق جلال الدين خلال ذلك، وأدرك ما هو فيه من خطر، فانطلق إلى أمد، فمنع من دخولها، وكبسه رجال من العدو وأحدقوا (أحاطوا) به دونها حتى لو شاءوا أن يقتلوه لأمكنهم ذلك، ولكنهم إنما أرادوا القبض عليه، فدافعهم عن نفسه وقتل جماعة منهم وذب عنه بعض خواص رجاله، وشاغلوا رجال العدو حتى خلص منهم.

وطارده فرسان التتار، وكان لا يبارى (ينافس) فى ركوب الخيل ففاتهم (سبقهم) حتى دنا من ميافارقين ليحتمي بملكها، فدخل قرية من قراها، ولكن الفرسان لحقوه بها، فبرحها (غادرها، المضاد لزمها) ودفع جواده فطار به منهم وصعد إلى جبل هناك يسكنه قوم من الأكراد يتخطفون الناس فلجأ إلى أحدهم، وقال له: "أنا السلطان جلال الدين استبقنى (أبقنى، واحفظنى عندك) وأخف مكانى عن العدو الذى يطاردنى، وسأجعلك ملكا"، فأخذه الكردي إلى بيته وأوصى امرأته بخدمته.

كردى موتور يحاول قتل جلال الدين:

وكان قد لمح جلال الدين كردى آخر موتور (له ثأر) منه فعرفه، وراه حين دخل البيت، فأخذ يتربص (ينتظر) خلوالبيت من صاحبه، فلما خرج صاحب البيت لقضاء حاجة له جاء الكردى الموتور وبيده حربة فقال : "لم لا تقتلون هذا الخوارزمي ؟ " فقالت امرأة صاحب البيت: "لا سبيل إلى ذلك، فقد أمنه زوجى".

فقال الكردى : "لا أمان لهذا. إنه السلطان وقد قتل أخا لى فى خلاط خيرا منه". وكان جلال الدين رابط الجأش ولم ينبس ببنت شفة، وما أتم الكردى كلمته، حتى هز حربته فسددها بقوة إلى السلطان، فحاص عنها (حاد، وابتعد، المضاد واجهها) فنشبت (علقت) في الجدار خلفه، وأسرع جلال الدين فاختطفها منه وقال له : "الآن سألحقك بأخيك".

جلال الدين يؤمن الكردى على حياته ليسلمه ولديه:

فأيقن الكردى أنه مقتول فقال له : "إن تقتلنى كما قتلت أخى فقد شفيت نفسى باختطاف ولديك!" كانت هذه الكلمة الصغيرة أشد وقعا على جلال الدين مما لو أصابت الحربة كبده، فقد زلزلت كيانه (وجوده)، وأفقدته تماسكه، وعجب الكردى إذ رأى خصمه، واجما (ساكتا) ينظرإليه نظرة ذاهلة (تائهة، وحائرة) والحربة تضطرب في يده، وكان قد ملكه الخوف، وتوقع بين لحظة وأخرى أن تخترق الحربة حجاب قلبه، ولم يكد يصدق أنه حي بعد لولا أنه سمع بأذنيه قول السلطان يسأله بلهجة حزينة : " ماذا صنعت بهما يا هذا؟" قال الكردي وقد زال عنه بعض خوفه : "إنهما عندى ولن أسلمهما إليك حتى تؤمننى . قال جلال الدين وقد تهلل وجهه : "قد أمنتك".

"لا أصدقك حتى ترمى هذه الحربة من يدك". فألقاها جلال الذين على الأرض قائلا: "اذهب فأتنى بهما، وسوف أكافئك حين أقدر على مكافأتك" . فقصد الكردي جهة الباب وهو يتوقع أن الحرية ستدق فى ظهره، حتى إذا أيقن أنه بمنجاة من بطش جلال الدين به، وقفه خارج الباب وصاح: "أيها المخبول نجوت منك ! لقد بعت ولديك لتجار الرقيق من الشام فلن يعودا إليك أبدا".

جلال الدين يستعطف الكردى للإسراع بقتله:

وهم الكردى بالهرب لولا أن رأى السلطان يتمايل كالذى يدار به حتى سقط على جنبه وهو يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله ! لقد بيع محمود وجهاد بيع الرقيق !". فكرالكردي راجعا، والتقط الحربة فطعن بها جنب جلال الدين، فنشبت بين ضلوعه ولم يحاول جلال الدين أن يدفع الكردى عن نفسه، بل استسلم له قائلا: " هنيئا لك يا كردى لقد ظفرت برجل أعجز جنكيزخان ! أجهز علي (خلص علي)، وأرحنى من الحياة، فلا خير فيها بعد محمود وجهاد".

وأراد الكردى نزع الحربة الناشبة (المتعلقة) بين الضلوع فلم يستطع حتى ساعده جلال الدين على ذلك وهو يقول : "عجل بموتي حنانيك (رحمة بى، وعطفا على)! وسدد (صوب) الكردي الحربة إلى صدر جلال الدين فدقها فيه حتى نفد سنانها إلى الأرض وهويقول : "هأنذا أرحتك من الحياة".

مناقشة الفصل الرابع من قصة وا إسلاماه

كيف عاش السلطان جلال الدين في مملكته الصغيرة بالهند ؟

عاش حياة حزينة تسودها الذكريات الأليمة ، ذكريات ملكه الذاهب ، وذكريات أهله الهالكين .

فيم كان يقضي السلطان جلال الدين معظم وقته في مملكته الصغيرة بالهند ؟

كان يقضي معظم أوقاته مع محمود وجهاد حيث كان يجد سلواه الوحيدة فيهما كما كان ينزل إلى عالمهما الصغير ويشترك معهما في ألعابهما ، ويجاريهما في أحاديثهما البريئة ، وأحلامهما الصافية ، فيجد في ذلك لذة تنسيه هموم الحياة وآلامها .

صف معاملة التتار لأهل البلاد التي تغزوها .

كان التتار أمة لا تطمع في ملك البلاد وحكمها بل كان يكفيها أن تغزوها فتقتل من تقتل من رجالها ونسائها وأطفالها ، وتأسر منهم من تشاء ، وتنهب خزائنها فلا تدع شيئاً إلا أتت عليه ثم تغادرها إلى بلادها حاملة معها الغنائم والأسلاب . فتنقبع فيها ما تنقبع ، ثم تعود كرة (رجعة) أخري فيطغي سيلها على الأمم ، والممالك فتقتل وتنهب وتسلب ، ثم تعود إلى منبعها وهكذا دواليك ، وربما عقدوا مع أهل البلاد التي غزوها اتفاقاً يأمنون به من عودتهم ، على أن يحملوا إليهم جزية كبيرة في مستهل كل عام . وحينئذ يولون عليها من يتوسمون فيه الميل إليهم والرضا بسياستهم من عبيد الأهواء الطامعين في المناصب من أهل تلك البلاد.

ما حال المدن والعواصم التي تخلى عنها جلال الدين ؟

وَلِيَها (حكمها) جماعة من الطغاة المستبدين لا هَمَّ لهم إلا جمع المال من كل سبيل ، فيصادرون أموال الناس ويفرضون الضرائب الثقيلة عليهم ويسلبون أموال التجار ، ومن جرؤ على الشكوى منهم كان جزاؤه القتل أو الإهانة والتعذيب .

لماذا وجد السلطان جلال الدين الفرصة سانحة لقتال التتار ؟

لأنه كان له أنصار وأعوان يراسلونه سراً فيصفون له أحوال الناس بها وما يعانونه من ظلم الحكام وطغيانهم ، ويعدونه بالنصر والتأييد ، وبأنهم سيثورون ثورة عارمة على أولئك الحكام إذا ما عاد جلال الدين إلى بلاده . وقد ذكروا له أن جنكيز خان مشغول عنه بحروب طويلة في بلاده مع قبائل الترك ، فرأى جلال الدين أن الفرصة سانحة ، وصحت عزيمته على اغتنامها ، فتجهز للمسير .

كيف خرج السلطان جلال الدين من الهند ؟ أو ما خطة جلال الدين لاسترداد بلاده ؟

كتم جلال الدين خبر خروجه من الهند عن الناس جميعاً ما عدا قائده الكبير الأمير بهلوان أزبك الذي استنابه على ما يملك بالهند ، وترك له جيشًا يكفي لحمايته , وسار هو بخمسة آلاف قسّمهم إلى عشر فرق , جعل على كل فرقة أميرًا , وأمرهم أن يسيروا خلفه على دفعات من طرق مختلفة ؛ حتى لا يتسامع به الناس ويصل الخبر إلى التتار .

لماذا ربى السلطان جلال الدين الطفلين تربية خشنة ؟

حتى يتحملا المشاق وركوب الأخطار والتغلب على المتاعب .

لماذا كان محمود يتطلع إلى قتال التتار ؟

حتى يثأر منهم لأبيه وينتقم منهم لما أصاب جده وخاله ووالدته وجدته وسائر أهله .

ما سبب حيرة السلطان جلال الدين في شأن ولديه ؟ وكيف حسم هذه الحيرة ؟

تردد السلطان طويلاً قبل أن يتخذ قراراً في شأن ولديه محمود وجهاد فهو إن صحبهما عرضهما للأخطار وإن تركهما فلا طاقة له بفراقهما وبعد تفكير عميق صمم على اصطحابهما معه .

كيف تلقى محمود وجهاد خبر عزم جلال الدين بالمسير لقتال التتار ؟

أظهرا له من الفرح والاستبشار بذلك ما جعل جلال الدين يعجب من نفسه ، كيف فكر في تركهما بالهند ، وعدم استصحابهما معه في رحيله .

لماذا كان جلال الدين يفتح المدينة تلو المدينة دون عناء ؟

أن أهل كل مدينة كانوا يقتلون حاكمهم أو يلوذ بالفرار قبيل وصول جلال الدين الذي استولى على كرمان والأهواز ثم أذربيجان ودانت له سائر بلاد إيران .

كيف أحيا جلال الدين ذكرى والده خوارزم شاه ؟

بعد أن استتبت له الأمور سار في موكب عظيم لزيارة قبر والده في الجزيرة التي دفن بها ، فبكى عنده وترحم عليه ، ثم أمر بنقل رفاته ، فدفنه بقلعة أزدهن في مشهد حافل حضره العلماء والأعيان والكبراء من جميع النواحي ، وبنى عليه قبة عظيمة أنفق على بنائها وزخرفتها أموالاً كبيرة ، وجلب لها أمهر البنائين والصناع .

ماذا تعرف عن جيش الخلاص ؟

عرف السلطان جلال الدين أن جنكيز خان قد أرسل جيوشاً عظيمة لقتاله بقيادة أحد أبنائه فتجهز للقائهم ، وسار في أربعين ألفاً يتقدمهم جيشه الخاص الذي أتى به من الهند وسماه جيش الخلاص ، وكان قد بقى منه زهاء ثلاثة آلاف فلقي جموع التتار في سهل مرو ودارت بين الفريقين معركة من أهول المعارك ، ثبت فيها جيش الخلاص حتى باد معظمه ويئس جلال الدين من الانتصار فصمم على أن يستشهد في المعركة .

وضح دور جيشي (بخارى و سمرقند) في المعركة .

هجموا على التتار فجأة من الخلف مما جعل صفوفهم تضطرب وتنهزم ، وأصواتهم تسمع من خلف التتار : " الله أكبر! الله أكبر! نحن جنود الله! أيها المسلمون! قاتلوا المشركين! ".

ما اليقين الذي كان عليه جلال الدين بعد الانتصار على التتار في سهل مرو ؟

كان جلال الدين يعلم حق العلم أن جنكيز خان آتٍ بجموعه يوماً ما للانتقام منه ، وأن انتقامه سيكون عظيماً مهولاً ، وأن عليه ألا يطمئن إلى الانتصار الذي أحرزه في سهل مرو ، وأن يستعد لذلك اليوم العبوس .

أين فقد جلال الدين الطفلين والموكلين بخدمتهما وحراستهما الشيخ سلامه الهندي وسيرون السائس ؟ وكيف تأكد أنهما اختطفا ؟

فقد جلال الدين الطفلين حين كان يجتاز بلاد الأكراد عائداً إلى بلاده . - وتأكد أنهما اختطفا عندما وجد رجاله جثة سائس الطفلين سيرون ملقاة في منحدر ضيق بين جبلين ، فتحقق جلال الدين أن الأميرين اختطفا مع خادميهما ، وأن المختطفين قتلوا سيرون ؛ لأنهم ضاقوا بمقاومته .

كيف انتقم جنكيز خان من بخارى وسمرقند ؟ وما موقف جلال الدين من ذلك ؟

توالت الرسائل عليه من نواب بلاده يخبرونه بأن جنكيز خان قد قطع بجموعه النهر ، وانقضوا على بخارى فدمروها ، وانتقموا من أهلها شر انتقام من جراء ذلك الفريق البخاري الباسل الذي هاجم مؤخرة التتار في معركة مرو ، فكان سبب هزيمتهم والقضاء عليهم وأنهم دالفون (ذاهبون) إلى سمرقند ، ففاعلون بها ما فعلوا ببخاري . - أما جلال الدين فقد كان في شغل شاغل عنهم من بسبب خطف محمود وجهاد فكان يعرض أحياناً عن الرد ، وأحياناً يعد بقرب المسيرة.

صف حال جلال الدين بعد فقدانه لطفليه .

تغيرت طباعه وساء خلقه ، وزاد حاله سوءاً حتى يئس رجاله من رجوعه إلى صوابه.

لماذا تخلى رجال جلال الدين عنه ؟

لأن الأنباء تأتيهم كانت بتقدم جنكيز خان واستيلائه على المدينة بعد المدينة يقتل فيها ، وينهب ويدمر ، حتى بلغ تبريز ، فعز عليهم أن يبقوا واقفين أمام سلطانهم المرزوء في عقله ، الميئوس من حاله ، حتى يطحنهم التتار وهم ينظرون . فتسللوا من حوله ، ولحقوا بإخوانهم المجاهدين البخاريين والسمرقنديين ، وأمروا عليهم أحدهم ، فلقوا طلائع التتار بين تبريز وديار بكر ، فقاتلوهم قتالاً شديداً حتى هزموهم وقوي أملهم في النصر بعد ذلك .

لماذا قوي أمل رجال جلال الدين في الانتصار على التتار ؟

لأنهم علموا أن جنكيز خان قد قفل راجعاً إلى بلاده لعلة شديدة أصابته ، خشى منها أن تودي بحياته فيموت في غير مسقط رأسه .

ما الأوامر الصارمة التي أعطاها جنكيز خان لرجاله قبل عودته لمسقط رأسه ؟

الأوامر : ألا يقتلوا جلال الدين إذا ظفروا به ، وأن يجتهدوا في القبض عليه وحمله حياً إليه ، ليري رأيه فيه وينتقم منه بنفسه .

كيف نجا جلال الدين من أيدي التتار ؟

وكان قد بقي مع جلال الدين عدد قليل من رجاله ، عز عليهم أن يتخلوا عن سلطانهم العظيم وهو في حاله تلك ، وآثروا أن يحتملوه على علاته ، ويكونوا معه إلى النهاية، وقد أزعجهم تقدم التتار ، فتأهبوا لحماية مولاهم والذب عنه ، ريثما يعدون العدة للفرار به إلى حيث يجدون مأمناً . بيد أن التتار قد صاروا إذ ذاك أقرب إلى جلال الدين ورجاله مما ظنوا ، فما شعر هؤلاء إلا بالطلائع قد كادت تحيط به ، فقاموا إلى السلطان وأركبوه الفرس ونجوا به منهم . وأفاق جلال الدين خلال ذلك ، وأدرك ما هو فيه من خطر ، فانطلق إلى آمد (محافظة ديار بكر حالياً في تركيا ) ، فمنع من دخولها ، وكبسه رجال من العدو وأحدقوا به دونها حتى لو شاءوا أن يقتلوه لأمكنهم ذلك ؛ ولكنهم إنما أرادوا القبض عليه ، فدفعهم عن نفسه وقتل جماعة منهم ؛ وذب (دافع) عنه بعض خواص رجاله ، وشاغلوا رجال العدو حتى خلص منهم . وطارده فرسان التتار ، وكان لا يباري في ركوب الخيل ، ففاتهم حتى دنا من ميافارقين (سيلفان حالياً في تركيا ) ليحتمي بملكها ، فدخل قرية من قراها ولكن الفرسان لحقوه بها ، فبرحها ودفع جواده فطار به منهم . وصعد إلى جبل هناك يسكنه قوم من الأكراد يتخطفون الناس فلجأ إلى أحدهم وقال له : أنا السلطان جلال الدين استبقني وأخفِ مكاني عن العدو الذي يطاردني ، وسأجعلك ملكاً ، فأخذه الكردي إلى بيته وأوصي امرأته بخدمته.

كيف كانت نهاية جلال الدين ؟

قتله أحد الأكراد الموتورين من بلاد الملك الأشرف .

كيف استطاع الكردي الموتور أن يخدع السلطان ويتمكن من قتله ؟

دخل عليه البيت الذي احتمى فيه وسدد حربته بقوة إلى السلطان، فحاص عنها فنشبت في الجدار خلفه. وأسرع جلال الدين فاختطفها منه وقال له: " الآن سألحقك بأخيك ". فأيقن الكردي أنه مقتول فقال له : " إن تقتلني كما قتلت أخي فقد شفيت نفسي باختطاف ولديك ! ". كانت هذه الكلمة الصغيرة أشد وقعاً على جلال الدين مما لو أصابت الحربة كبده ، فقد زلزلت كيانه ، وأفقدته تماسكه ، وعجب الكردي إذ رأي خصمه واجماً ينظر إليه نظرة ذاهلة ، والحربة تضطرب في يده ، وكان قد ملكه الخوف ، وتوقع بين لحظة وأخري أن تخترق الحربة حجاب قلبه ، ولم يكد يصدق أنه حي بعد لولا أنه سمع بأذنيه قول السلطان يسأله بلهجة حزينة : " ماذا صنعت بهما يا هذا ؟ " قال الكردي وقد زال عنه بعض خوفه : " إنهما عندي ولن أسلمهما إليك حتى تؤمنني". - قال جلال الدين وقد تهلل وجهه : " قد أمنتك ". - " لا أصدقك حتى ترمي هذه الحربة من يدك " فألقاها جلال الدين على الأرض قائلاً : " اذهب فأتني بهما ، وسوف أكافئك حين أقدر على مكافأتك ". فقصد الكردي جهة الباب وهو يتوقع أن الحربة ستدق في ظهره ، حتى إذا أيقن أنه بمنجاة من بطش جلال الدين به وقف خارج الباب وصاح : " أيها المخبول نجوت منك ! لقد بعت ولديك لتجار الرقيق من الشام فلن يعودا إليك أبداً ". وهم الكردي بالهروب لولا أن رأى السلطان يتمايل كالذي يدار به حتى سقط على جنبه وهو يقول : " لا حول ولا قوة إلا بالله ! لقد بيع محمود و جهاد بيع الرقيق ! ". فكر الكردي راجعاً ، والتقط الحربة فطعن بها جنب جلال الدين ، فنشبت بين ضلوعه ولم يحاول جلال الدين أن يدفع الكردي عن نفسه ، بل استسلم له قائلاً : " هنيئاً لك يا كردي ، لقد ظفرت برجل أعجز جنكيز خان ! أجهز عليّ وأرحني من الحياة فلا خير فيها بعد محمود و جهاد ".

****

في نهاية هذا النقاش الشيق بإذن الله، ندعوكم لمشاركة هذه الصفحة مع جميع أصدقائكم المهتمين بتطوير التعليم والتعليم الإلكتروني، وكذلك مع جميع طلاب وطالبات الصف الثاني الثانوي. نسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما يحبه ويرضاه.