سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته أحبابي في الله وأبنائي طلاب وطالبات الصف الأول الثانوي. يسعدني في هذه الصفحة من موقعنا mr-mas.com الذي يهدف إلى نشر العلم النافع وبالمجان الماس لتطوير الذات والتعلم الذاتي أن أقدم لكم قصة أبو الفوارس عنترة 16- خاتمة سعيدة . ترم تانى . ضمن منهج اللغة العربية.
نبدأ أولا بفيديو لملخص الفصل السادس عشر بالرسوم المتحركة (الكارتون cartoon) . اضغط هنا على هذا الرابط لبدء تشغيل فيديو الفصل السادس عشر من قصة أبو الفوارس عنترة بن شداد. ضمن منهج أولى ثانوي ترم ثان.
***
عنترة يتجول في الصحراء:
أمضى عنترة الأيام الثلاثة يضرب فى فجاج (طرق واسعة بين جبلين) الصحراء يصيد طعامه كما كان يفعل من قبل، وكان في أثناء ذلك موزَّعا بين موجات عنيفة من أشجان متصادمة، فكان حينا يثور به الحزن والجوى حتى يرى الفضاء يضيق به، وحينا تدفعه موجة أخرى من الغضب حتى يهب فينطلق بجواده فى البراح سواء أكان فى ليل أم نهار، وكانت تعتريه بين هذه وتلك حالات هدوء ساهم واجم، فيحس كأن قلبه قد جمد وسلا، فلم يبق فيه ما يحمله عن حزن ولا على غضب، وكان فى أثناء ذلك كله ينتقل من مكان إلى مكان حيث كان ينتقل من قبل إذ كان يرعى إبل شداد، وهو بين حين وآخر يغنى بشعر يتدفق به مستعيدا ذكرياته. كان يعرج على الصخور الملساء التى طالما توغل فيها بعد زوال المطر، وشرب من مائها البارد الصافى، ويعرج على بطون الأودية التى تشقق طينها الأصفر بعد أن جف، وكان يميل بين حين وآخر على زهرة من العرار بين الشوك، أو عود من الخزامى (نبات عطرى) بين الصبير، أو أقحوانة بين الحنظل، فيتأمل شكلها ويشم رائحتها كأنه يسألها: "كيف يثوى الزهر بين الشوك ؟ والمراد كيف تعيش عبلة فى عبس ؟" وكانت تلك الجولات تعيد إليه اطمئنانه بعد أن يملأ صدره من الهواء كما كان يملؤه إذ كان فتى خاليا.
شعور عنترة بالارتياج :
وكان كلما تذكرأنه قد تخلص من الأموال العظيمة التى حملها معه من المدائن والحيرة أحس ارتياحا كأنه قد تخلص من ثقل كان يجثم فوق صدره، ودب إليه شعور عجيب بأنه قد استعاد روحه الذى كان قد فارقه منذ دخل أرض العراق. وعند ذلك كانت تلك السنوات التى قضاها بعيدا عن أرضه تلوح له كأنها سنوات سجن ضيق شاهت فيها نفسه حتى كاد ينكرها، وتغير فيها قلبه حتى كاد لا يعرف نبضه. وخيل إليه أنه قد فارق ذلك السجن إلى حيث يستطيع أن يعرف النور وحيث يرى النجوم الساطعة والبدر المتألق والشمس التي تبسم حينا، وتحرق حينا، والهواء الذي يعصف مرة، ويهب في وداعة مرة أخرى.
عطف عنترة على عمارة:
ولم يخل قلبه فى كل تلك الجولات من ذكر عبلة، ولكنه كان كلما ذكرها عجب أشد العجب من هدوئه، كأنه كان واثقا من أنها لا تزال تنتظره، فإذا تذكر عمارة بن زياد لم يغضب ولم يحقد، بل كاد قلبه يعطف عليه كأنما يواسيه عن انصراف عبلة عنه، وكان ينابى صورتها ويتمثلها تقبل عليه باكية معتذرة تعيد عليه كلمتها يوم ودعته فى شيبان "سوف أنتظرك وإن طالت غيبتك".
فرح عنترة بلقاء أمه:
ومضى اليوم الثالث وانقضى يوم عروبة وعاد إلى الربوة التى لقى عليها شيبوب يوم عاد إلى أرض الشربة فى قافلته العظيمة. وهبط عليه الظلام فجأة بعد غروب الشمس فدخل إلى صدره شىء من الوحشة وسأل نفسه : "ليت شعرى، ما الذى عاق شيبوب فلم يعد إلي ؟ أتكون عبلة قد زفت حقا إلى عمارة ؟ ". ثم طلع القمر فأضاء الفضاء وأخذ عنترة فضلة من لحم غزال بقيت عنده، وقضى الليلة متغنيا بشعره حتى طلع الفجر فأغفى إغفاءة أفاق منها على صوت يناديه والشمس ترسل شعاعها عليه من وراء التلال، ثم رأى زبيبة، فقام مسرعا يثب فوق الرمال حتى أحس بنفسه بين ذراعى أمه. وأرسلت زبيبة ابنها من بين ذراعيها وجعلت تنظر إليه في دهشة وإعجاب، ثم زغردت وألقت نفسها عليه مرة أخرى وهو يمسح على رأسها بعطف، وتبللت عيناها دمعا وقالت بصوت مختنق : "لقد كنت أحس منذ فارقتنى أنك عائد إلى يوما، لم أصدق ما قال شيبوب ولا ما قال الناس عنك".
عنترة يبتسم لرؤية ملابس أمه وأخيه:
ولم يجد عنترة فى دفعة اللقاء ما جعله يفرغ إلى تأمل ملابس أمه وأخيه، فقد كانا يلبسان تلافيق (ثوبان يضم أحدهما للآخر) عجيبة من الثياب اختارها كل منهما طوع هواه من أحمال القافلة. فكانت زييبة فى حلة حمراء، وفى قدميها خف من الفرو الأسود وتمنطقت (شدت وسطها) بمنطقة فضية نزعتها من حمائل سيف، وتقلدت ببعض قلائد من العقيق والمرجان، وجعلت على يديها أساور من الفضة والذهب والكهرمان. وكان شيبوب يلبس عمامة ذات ريشة عالية، ولآلئ تبرق من تحتها، وتلفع بثوب محلى بالقصب، وجعل فى وسطه سيفا محلى بالذهب والفضة، ولم يبخل على رمحه بحلية من عقود المرجان وشرائط الحرير. وتبسم عنترة عندما تنبه إلى ملبسهما، ولكنه لم يجد متسعا للحديث، فقد رأى ركبا عظيما يقبل عليه وراء ثنية الوادى، فنظر إلى القادمين وتهلل وجهه فرحا، وهمس إلى شيبوب : "أكان الزفاف يوم عروبة ؟".
توافد القوم لتحية عنترة:
ففمز شيبوب بعينه مرحا وقال في خبث: "سوف أحدثك طويلا". وجاء القوم جمعا بعد جمع يحيون عنترة، وكان الفتيان فوق الخيول يملئون البطحاء الممتدة بين الكثبان، يهتفون باسم عنترة، ويلوحون بالسيوف والرماح. وجاء فى صدر الجموع قيس بن زهير سيد عبس فى آل جذيمة وآل شداد، وجاء من بعدهم سادة عبس وفيهم عمارة بن زياد. وكان عنترة يلقاهم باسما، ويحييهم وهو متحرك الشجون، وكانوا ينظرون إليه فى عجب : "أذاك هو عنترة ؟ " وكان النساء والفتيات يقبلن عليه ضاحكات يرحبن به ويرفعن أيديهن إلى نحورهن يلمسن العقود المتلألئة التي بعث بها إليهن. ويلوحن بمعاصمهن ليظهرن الأساور التي أخذنها من هداياه.
عنترة يلتقى بعبلة:
ثم جاءت أخته مروة وإلى جانبها عبلة تمشى على استحياء، فرآهما وما يرى فيهما سوى عبلة تنظر نحوه فى خفر (حياء)، وتكاد تتعثر في مشيتها، وكان يبدو على وجهها ما يشبه أن يكون ابتسامة، ولكنها كانت بسمة مترددة فيها شيء من الارتباك وشيء من الخشية.
مروة تداعب أخاها عنترة:
وحيا عنترة أخته باسما عاطفا، ولكنه كان مشغولا فيما يقوله إذا سلمت عليه عبلة، ومرت عليه لحظة قصيرة طويلة، ثم سمع أخته تضحك وتقول له في عبثها كعادتها: "لقد حسبت أنك سوف تخطف عبلة منذ تقع عينك عليها". فنظرإلى عبلة وابتسم لها، وما كاد يأخذ يدها حتى وجد أنه يقاوم دافعا قويا لا يقوى عليه. وسمعها تقول فى همس : "مرحبا بك عنترة". فهم أن يرفع يدها إلى شفتيه فأحست بحركته فقبضت يدها فى رفق، وحاولت أن تجد لفظا تتوارى به عن أعين الذين أحست نظراتهم جميعا تقع عليها، ولكنها لم تجد لفظا، فأطرقت وغمغمت (تحدثت بكلام غير واضح) ببعض ألفاظ مضطربة، وخيل إليها أن تلك اللحظة القصيرة قد امتدت دهرا، فلوت رأسها تريد أن تفسح لغيرها ممن ازدحمن حولها لتحية عنترة : فقال عنترة كأنه ينطق بغير وعيه : "سيدتى ؟ وما كاد يتم كلمته حتى صاحت أخته مروة ضاحكة فى خبثها : "أما سمعتم قوله ؟ عنترة عبد عبلة ؟ ". فانفجرت ضحكة من الحاضرين ونظرت إليه عبلة عاتبة، واحمر وجهها، ولكن سحابة الوجوم انقشعت عند ذلك، وانطلق عنترة يقول لأخته في مرح وهو لا يزال ممسكا بيد عبلة : "إنك أيتها الأخت الحبيبة تذكريننى بأيامى السعيدة أيام كان عبثك يغيظنى". فقالت ضاحكة : "أما يغيظك اليوم ؟ واتجهت إلى عبلة فى خفة قائلة: ولكنه ما زال يغيظها. انظر إليها كيف ينطق وجهها بكراهتى. ثم اتجهت إلى عنترة قائلة: ما هذا اللقاء الفاتر يا عنترة ؟ " ثم عادت إلى عبلة فقالت لها: "ها هو ذا دونك فتعلقى برقبته. أما كنت تقولين لى متى أراه ؟". فعاد الضحك إلى الجميع.
زفاف عبلة إلى عنترة:
وغربت شمس ذلك اليوم مرة أخرى كما غربت سائر الأيام. وكانت النيران توقد فى شعب الجواء، وأصداء الغناء تتردد بين الخيام من كل جانب بشعر عنترة، واجتمع فتيان عبس على الخيل في الفضاء الفسيح حول الحلة، يتطاردون ويتراقصون فوق الجياد، بعضهم واقف على ظهرها وبعضهم يتقلب فوقها ويدور من تحت بطونها، وخرج فيهم عنترة، وكانت عبلة على جوادها إلى جانبه حتى إذا صار في وسط الحلة تقدم عنترة شاهرا سيفه فى ضوء النيران الموقدة، وركض جواده في وسط الحلة، منشدا: أرض الشربة تربها كالعنبر * ونسيمها يسرى بمسك أذفر (طيب الرائحة). يا عبل كم من غمرة باشرتها * بمثقف (رمح معتدل) صلب القوائم أسمر. فأتيتها والشمس فى كبد السما * والقوم بين مقدم ومؤخر. وكانت الأصداء تتردد فى الفضاء من إنشاد الفتيان فى نواحى الميدان : أنا فى الحرب العوان (الحرب التى قوتل فيها مرة بعد أخرى) * غير مجهول المكان. أينما نادى المنادى * فى دجى النقع (غبار الحرب) يرانى. خُلق الرمح لكفّى * والحسام الهندوانى. وهما فى المهد كانا * فوق رأسى يؤنسانى.
شيبوب يداعب عنترة:
ولما انتهى الحفل الصاخب في مطلع الفجر ركب عنترة وزوجه إلى السرادق العظيم الذى أقامه شيبوب لهما فى أقصى الحلة، ذلك السرادق الذى أهداه إليه كسرى وما زالت قبائل العرب تتحدث عنه، كأنه المدينة إذا أقيمت قوائمه. كانت جوانبه محلاة بنقوش الذهب ودعائمه ملبسة بصفائح الفضة، فإذا أضاءت فيه المصابيح فى الليل تلألأت أنوارها فوق فصوص الجواهر المنثورة على جوانبه. وسار شيبوب وراءهما يشيعهما حتى دخلا فى السرادق فقال ينادى عنترة : "أما كنت تريد أن أحدثك طويلا ؟!!". فنظر عنترة إليه باسما، ثم التفت إلى عبلة وأمسك بكتفيها ناظرا إلى عينيها وقال : "لا بأس عليك يا شيبوب، فإنى أحب سماع الحديث منها".
مناقشة الفصل السادس عشر من قصة عنترة بن شداد
***
شكرا لدعمكم بمشاركة الصفحة وفيديوهات القناة مع جميع أصدقائكم. وفقنا الله جميعا في نشر العلم النافع الذي يعلم الناس العطاء لا الاستغلال. فالعطاء سعادة. وهو وسيلة التقدم. خالص دعواتي بالتوفيق.